كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فلقد كان هنالك بعض المستضعفين من المسلمين في مكة لم يهاجروا، ولم يعلنوا إسلامهم تقية في وسط المشركين. ولو دارت الحرب، وهاجم المسلمون مكة، وهم لا يعرفون أشخاصهم، فربما وطأوهم وداسوهم وقتلوهم. فيقال: إن المسلمين يقتلون المسلمين! ويلزمون بدياتهم حين يتبين أنهم قتلوا خطأ وهم مسلمون..
ثم هنالك حكمة أخرى وهي أن الله يعلم أن من بين الكافرين الذين صدوهم عن المسجد الحرام، من قسمت له الهداية، ومن قدر له الله الدخول في رحمته، بما يعلمه من طبيعته وحقيقته؛ ولو تميز هؤلاء وهؤلاء لأذن الله للمسلمين في القتال، ولعذب الكافرين العذاب الأليم:
{ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تَزَيَّلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابًا أليما}..
وهكذا يكشف الله للجماعة المختارة الفريدة السعيدة عن جانب من حكمته المغيبة وراء تقديره وتدبيره. ويمضي في وصف الذين كفروا. وصف نفوسهم من الداخل. بعد تسجيل صفتهم وعملهم الظاهر:
{إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}..
حمية لا لعقيدة ولا منهج. إنما هي حمية الكبر والفخر والبطر والتعنت. الحمية التي جعلتهم يقفون في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، يمنعونهم من المسجد الحرام، ويحبسون الهدي الذي ساقوه، أن يبلغ محله الذي ينحر فيه. مخالفين بذلك عن كل عرف وعن كل عقيدة. كي لا تقول العرب، إنه دخلها عليهم عنوة. ففي سبيل هذه النعرة الجاهلية يرتكبون هذه الكبيرة الكريهة في كل عرف ودين؛ وينتهكون حرمة البيت الحرام الذي يعيشون على حساب قداسته؛ وينتهكون حرمة الأشهر الحرم التي لم تنتهك في جاهلية ولا إسلام! وهي الحمية التي بدت في تجبيههم لكل من أشار عليهم- أول الأمر- بخطة مسالمة، وعاب عليهم صدّ محمد ومن معه عن بيت الله الحرام. وهي كذلك التي تبدت في رد سهيل بن عمرو لاسم الرحمن الرحيم، ولصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثناء الكتابة. وهي كلها تنبع من تلك الجاهلية المتعجرفة المتعنتة بغير حق.
وقد جعل الله الحمية في نفوسهم على هذا النحو الجاهلي، لما يعلمه في نفوسهم من جفوة عن الحق والخضوع له. فأما المؤمنون فحماهم من هذه الحمية. وأحل محلها السكينة، والتقوى:
{فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها}..
والسكينة الوقورة الهادئة، كالتقوى المتحرجة المتواضعة كلتاهما تليق بالقلب المؤمن الموصول بربه، الساكن بهذه الصلة. المطمئن بما فيه من ثقة. المراقب لربه في كل خالجة وكل حركة، فلا يتبطر ولا يطغى؛ ولا يغضب لذاته، إنما يغضب لربه ودينه. فإذا أمر أن يسكن ويهدأ خشع وأطاع. في رضى وطمأنينة.
ومن ثم كان المؤمنون أحق بكلمة التقوى، وكانوا أهلها. وهذا ثناء آخر من ربهم عليهم. إلى جانب الامتنان عليهم بما أنزل على قلوبهم من سكينة، وما أودع فيها من تقوى. فهم قد استحقوها في ميزان الله، وبشهادته؛ وهو تكريم بعد تكريم، صادر عن علم وتقدير:
{وكان الله بكل شيء عليمًا}..
ولقد مر بنا أن بعض المؤمنين الذين خرجوا مستبشرين برؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هالهم ألا تتحقق الرؤيا هذا العام؛ وأن يردوا عن المسجد الحرام. فالله يؤكد لهم صدق هذه الرؤيا، وينبئهم أنها منه، وأنها واقعة ولا بد. وأن وراءها ما هو أكبر من دخول المسجد الحرام أيضًا:
{لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحًا قريبًا هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا}..
فأما البشرى الأولى. بشرى تصديق رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخولهم المسجد الحرام آمنين، وتحليقهم وتقصيرهم بعد انتهاء شعائر الحج أو العمرة، لا يخافون.. فأما هذه فقد تحققت بعد عام واحد. ثم تحققت بصورة أكبر وأجلى بعد عامين اثنين من صلح الحديبية. إذ تم لهم فتح مكة، وغلبة دين الله عليها.
ولكن الله سبحانه يؤدب المؤمنين بأدب الإيمان؛ وهو يقول لهم: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله}.. فالدخول واقع حتم، لأن الله أخبر به. ولكن المشيئة يجب أن تظل في نفوس المسلمين في صورتها الطليقة لا يقيدها شيء، حتى تستقر هذه الحقيقة في القلوب، وتصبح هي قاعدة التصور للمشيئة الإلهية. والقرآن يتكئ على هذا المعنى، ويقرر هذه الحقيقة، ويذكر هذا الاستثناء في كل موضع، حتى المواضع التي يذكر فيها وعد الله. ووعد الله لا يخلف. ولكن تعلق المشيئة به أبدًا طليق. إنه أدب يلقيه الله في روع المؤمنين، ليستقر منهم في أعماق الضمير والشعور.
ونعود إلى قصة تحقيق هذا الوعد؛ فقد ذكرت الروايات أنه لما كان ذو القعدة من سنة سبع- أي العام التالي لصلح الحديبية- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمرًا هو وأهل الحديبية. فأحرم من ذي الحليفة، وساق معه الهدي- كما وأحرم وساق الهدي في العام قبله- وسار أصحابه يلبون.
فلما كان صلى الله عليه وسلم قريبًا من مر الظهران بعث محمد بن مسلمة بالخيل والسلاح أمامه. فلما رآه المشركون رعبوا رعبًا شديدًا، وظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزوهم، وأنه قد نكث العهد الذي بينهم وبينه من وضع القتال عشر سنين، فذهبوا فأخبروا أهل مكة. فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل بمر الظهران حيث ينظر إلى أنصاب الحرم، بعث السلاح من القسي والنبل والرماح إلى بطن ياجج، وسار إلى مكة بالسيوف مغمدة في قُرُبها كما شارطهم عليه. فلما كان في أثناء الطريق بعثت قريش مكرز بن حفص، فقال: يا محمد، ما عرفناك تنقض العهد. فقال صلى الله عليه وسلم: «وما ذاك؟» قال: دخلت علينا بالسلاح والقسي والرماح. فقال صلى الله عليه وسلم: «لم يكن ذلك، وقد بعثنا به إلى ياجج» فقال: بهذا عرفناك، بالبر والوفاء!
وخرجت رؤوس الكفار من مكة لئلا ينظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه- رضي الله عنهم- غيظًا وحنقًا. وأما بقية أهل مكة من الرجال والنساء والولدان فجلسوا في الطرق وعلى البيوت ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فدخلها صلى الله عليه وسلم وبين يديه أصحابه يلبون، والهدي قد بعثه إلى ذي طوى، وهو راكب ناقته القصواء التي كان راكبها يوم الحديبية، وعبد الله بن رواحة الأنصاري آخذ بزمام الناقة يقودها.
وهكذا صدقت رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقق وعد الله. ثم كان الفتح في العام الذي يليه. وظهر دين الله في مكة. ثم ظهر في الجزيرة كلها بعد. ثم تحقق وعد الله وبشراه الأخيرة حيث يقول:
{هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا}..
فلقد ظهر دين الحق، لا في الجزيرة وحدها، بل ظهر في المعمور من الأرض كلها قبل مضي نصف قرن من الزمان. ظهر في امبراطورية كسرى كلها، وفي قسم كبير من امبراطورية قيصر، وظهر في الهند وفي الصين، ثم في جنوب آسيا في الملايو وغيرها، وفي جزر الهند الشرقية (أندونيسيا).. وكان هذا هو معظم المعمور من الأرض في القرن السادس ومنتصف القرن السابع الميلادي.
وما يزال دين الحق ظاهرًا على الدين كله- حتى بعد انحساره السياسي عن جزء كبير من الأرض التي فتحها، وبخاصة في أوربا وجزر البحر الأبيض. وانحسار قوة أهله في الأرض كلها بالقياس إلى القوى التي ظهرت في الشرق والغرب في هذا الزمان.
أجل ما يزال دين الحق ظاهرًا على الدين كله، من حيث هو دين.
فهو الدين القوي بذاته، القوي بطبيعته، الزاحف بلا سيف ولا مدفع من أهله! لما في طبيعته من استقامة مع الفطرة ومع نواميس الوجود الأصيلة؛ ولما فيه من تلبية بسيطة عميقة لحاجات العقل والروح، وحاجات العمران والتقدم، وحاجات البيئات المتنوعة، من ساكني الأكواخ إلى سكان ناطحات السحاب!
وما من صاحب دين غير الإسلام، ينظر في الإسلام نظرة مجردة من التعصب والهوى حتى يقر باستقامة هذا الدين وقوته الكامنة، وقدرته على قيادة البشرية قيادة رشيدة، وتلبية حاجاتها النامية المتطورة في يسر واستقامة..
{وكفى بالله شهيدًا}..
فوعد الله قد تحقق في الصورة السياسية الظاهرة قبل مضي قرن من الزمان بعد البعثة المحمدية. ووعد الله ما يزال متحققًا في الصورة الموضوعية الثابتة؛ وما يزال هذا الدين ظاهرًا على الدين كله في حقيقته. بل إنه هو الدين الوحيد الباقي قادرًا على العمل، والقيادة، في جميع الأحوال.
ولعل أهل هذا الدين هم وحدهم الذين لا يدركون هذه الحقيقة اليوم! فغير أهله يدركونها ويخشونها، ويحسبون لها في سياساتهم كل حساب!
والآن نجيء إلى ختام السورة. ختامها بتلك الصورة الوضيئة التي يرسمها القرآن لواقع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك الثناء الكريم على تلك الجماعة الفريدة السعيدة التي رضي الله عنها، وبلغها رضاه فردًا فردًا:
{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكَّعًا سُجَّدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرًا عظيما}.
إنها صورة عجيبة يرسمها القرآن الكريم بأسلوبه البديع. صورة مؤلفة من عدة لقطات لأبرز حالات هذه الجماعة المختارة، حالاتها الظاهرة والمضمرة. فلقطة تصور حالتهم مع الكفار ومع أنفسهم: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} ولقطة تصور هيئتهم في عبادتهم: {تراهم ركعًا سجدًا}.. ولقطة تصور قلوبهم وما يشغلها ويجيش بها: {يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا}.. ولقطة تصور أثر العبادة والتوجه إلى الله في سمتهم وسحنتهم وسماتهم: {سيماهم في وجوههم من أثر السجود}..
{ذلك مثلهم في التوراة}.. وهذه صفتهم فيها.. ولقطات متتابعة تصورهم كما هم في الإنجيل..
{كزرع أخرج شطأه} {فآزره}..
{فاستغلظ} {فاستوى على سوقه}.
{يعجب الزراع}..: {ليغظ بهم الكفار}..
وتبدأ الآية بإثبات صفة محمد صلى الله عليه وسلم صفته التي أنكرها سهيل بن عمرو ومن وراءه من المشركين: {محمد رسول الله}.. ثم ترتسم تلك الصورة الوضيئة بذلك الأسلوب البديع.
والمؤمنون لهم حالات شتى. ولكن اللقطات تتناول الحالات الثابتة في حياتهم، ونقط الارتكاز الأصيلة في هذه الحياة.
وتبرزها وتصوغ منها الخطوط العريضة في الصور الوضيئة.. وإرادة التكريم واضحة في اختيار هذه اللقطات، وتثبيت الملامح والسمات التي تصورها. التكريم الإلهي لهذه الجماعة السعيدة.
إرادة التكريم واضحة، وهو يسجل لهم في اللقطة الأولى أنهم: {أشداء على الكفار رحماء بينهم}.. أشداء على الكفار وفيهم آباؤهم وإخوتهم وذوو قرابتهم وصحابتهم، ولكنهم قطعوا هذه الوشائج جميعًا. رحماء بينهم وهم فقط إخوة دين. فهي الشدة لله والرحمة لله. وهي الحمية للعقيدة، والسماحة للعقيدة. فليس لهم في أنفسهم شيء، ولا لأنفسهم فيهم شيء. وهم يقيمون عواطفهم ومشاعرهم، كما يقيمون سلوكهم وروابطهم على أساس عقيدتهم وحدها. يشتدون على أعدائهم فيها، ويلينون لإخوتهم فيها. قد تجردوا من الأنانية ومن الهوى، ومن الانفعال لغير الله، والوشيجة التي تربطهم بالله.
وإرادة التكريم واضحة وهو يختار من هيئاتهم وحالاتهم، هيئة الركوع والسجود وحالة العبادة: {تراهم ركعًا سجدًا}.. والتعبير يوحي كأنما هذه هيئتهم الدائمة التي يراها الرائي حيثما رآهم. ذلك أن هيئة الركوع والسجود تمثل حالة العبادة، وهي الحالة الأصيلة لهم في حقيقة نفوسهم؛ فعبر عنها تعبيرًا يثبتها كذلك في زمانهم، حتى لكأنهم يقضون زمانهم كله ركعًا سجدًا.
واللقطة الثالثة مثلها. ولكنها لقطة لبواطن نفوسهم وأعماق سرائرهم: {يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا}.. فهذه هي صورة مشاعرهم الدائمة الثابتة. كل ما يشغل بالهم، وكل ما تتطلع إليه أشواقهم، هو فضل الله ورضوانه. ولا شيء وراء الفضل والرضوان يتطلعون إليه ويشتغلون به.
واللقطة الرابعة تثبت أثر العبادة الظاهرة والتطلع المضمر في ملامحهم، ونضحها على سماتهم: {سيماهم في وجوهم من أثر السجود}.. سيماهم في وجوههم من الوضاءة والإشراق والصفاء والشفافية، ومن ذبول العبادة الحي الوضيء اللطيف. وليست هذه السيما في النكتة المعروفة في الوجه كما يتبادر إلى الذهن عند سماع قوله: {من أثر السجود}.. فالمقصود بأثر السجود هو أثر العبادة. واختار لفظ السجود لأنه يمثل حالة الخشوع والخضوع والعبودية لله في أكمل صورها. فهو أثر هذا الخشوع. أثره في ملامح الوجه، حيث تتوراى الخيلاء والكبرياء والفراهة. ويحل مكانها التواضع النبيل، والشفافية الصافية، والوضاءة الهادئة، والذبول الخفيف الذي يزيد وجه المؤمن وضاءة وصباحة ونبلًا.
وهذه الصورة الوضيئة التي تمثلها هذه اللقطات ليست مستحدثة. إنما هي ثابتة لهم في لوحة القدر، ومن ثم فهي قديمة جاء ذكرها في التوراة: {ذلك مثلهم في التوارة}.. وصفتهم التي عرفهم الله بها في كتاب موسى، وبشر الأرض بما قبل أن يجيئوا إليها.
{ومثلهم في الإنجيل}.. وصفتهم في بشارته بمحمد ومن معه، أنهم: {كزرع أخرج شطأه}.. فهو زرع نام قوي، يخرج فرخه، من قوته وخصوبته. ولكن هذا الفرخ لا يضعف العود بل يشده.
{فآزره}. أو أن العود آزر فرخه فشده.
{فاستغلظ} الزرع وضخمت ساقه وامتلأت.
{فاستوى على سوقه} لا معوجا ومحنيا.
ولكن مستقيما قويا سويا..
هذه صورته في ذاته. فأما وقعه في نفوس أهل الخبرة في الزرع، العارفين بالنامي منه والذابل. المثمر منه والبائر. فهو وقع البهجة والإعجاب: (يعجب الزراع). وفي قراءة يعجب(الزارع).. وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب هذا الزرع النامي القوي المخصب البهيج.. وأما وقعه في نفوس الكفار فعلى العكس. فهو وقع الغيظ والكمد: (ليغيظ بهم الكفار).. وتعمد إغاظة الكفار يوحي بأن هذه الزرعة هيزرعة الله. أو زرعة رسوله، وأنهم ستار للقدرة وأداة لإغاظة أعداء الله!
وهذا المثل كذلك ليس مستحدثا، فهو ثابت في صفحة القدر. ومن ثم ورد ذكره قبل أن يجيء محمد ومن معه إلى هذه الأرض. ثابت في الإنجيل في بشارته بمحمد ومن معه حين يجيئون.
وهكذا يثبت الله في كتابه الخالد صفة هذه الجماعة المختارة.. صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فتثبت في صلب الوجود كله، وتتجاوب بها أرجاؤه، وهو يتسمع إليها من بارئ الوجود. وتبقى نموذجا للأجيال، تحاول أن تحققها، لتحقق معنى الإيمان في أعلى الدرجات.
وفوق هذا التكريم كله، وعد الله بالمغفرة والأجر العظيم: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}. وهو وعد يجيء في هذه الصيغة العامة بعدما تقدم من صفتهم، التي تجعلهم أول الداخلين في هذه الصيغة العامة.